نساء من اهل الجنة
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فهذا الدين رفع مكانة المرأة وكرمها ،فهي في الإسلام درة مصونة ،حجابها رمز عفتها ، وتاج وقار على رأسها
وبامتثال المسلمة للتوجيهات الربانية ،ووصايا السنة النبوية ‘ تطيع ربها ، وتصون عفتها ،وتحفظ نفسها من شياطين الإنس والجن .
ان رسولنا علية الصلاة والسلام
r ما ترك خيراً إلا ودل الأمة عليه، ولا شراً إلا ونهى الأمة عنه .
تركنا على البيضاء ليلها كنهارها ، لايزيغ عنها إلا هالك
والله عز وجل ما أطيع إلا بالعلم ، وما عصى إلا بالجهل .
قال جل وعلا إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ).
فكل من تاب إلى الله قبل الموت تاب من قريب ،وكل من عصى الله فهو جاهل.) .
:
( ما عبد الله بمثل العلم ).
وقال سفيان الثوري رحمه الله : من أراد الدنيا والآخرة فعليه بطلب العلم.
قال أبو الفرج ابن الجـوزي في أحكام النساء (22):
المرأة
شخص مكلف كالرجل ، فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها ، لتكون من أدائها
على يقين.فإن لم يكن لها أب ، أو أخ ، أو زوج ، أو محرم ، يعلمها الفرائض ،
ويعرفها كيف تؤدي الواجبات كفاها ذلك ، وإن لم تكن سألت وتعلمت ، فإن قدرت
على امرأة تعلم ذلك ، تعرفت منها ، وإلا تعلمت من الأشياخ ، وذوي الأسنان
من غير خلوة بهم ، وتقتصر على قدر اللازم ، ومتى حدثت حادثة في دينها سألت
عنها ، ولم تستح ، فإن الله لا يستحي من الحق.أ.هـ
والغرض من تعلم العلم الشرعي العمل به ، وطلب الأجر والثواب من الله ، ورفع الجهل عن النفس
عن
أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا الدين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا
يستقرئون من النبي r وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما
فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا .
ولم يكن السلف يطلقون اسم الفقيه إلا على من جمع بين العلم والعمل
والعمل بالعلم سبب للثبات ، قال جل وعلا:
( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا ).
روى الخطيب البغدادي بسنده في اقتضاء العلم العمل (40 ):
عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه : هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل
:
والعلم ليس بنافع أربابه مالم يفد عملاً وحسن تبصر
سيان عندي من لم يستفد عملاً به وصلاة من لم يطهر
فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها لاترض بالتضييع وزن المخسر
قال أبوالدرداء رضى الله عنه :
إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال لي : قد علمت فماذا عملت فيما علمت؟.
وقد كان السلف رحمهم الله يستعينون على حفظ الحديث والعلم بالعمل به .
قال
الخطيب البغدادي في اقتضاء العلم العمل (14):العلم شجرة ،والعمل ثمرة …
فلاتأنس بالعمل مادمت مستوحشا من العلم ، ولاتأنس بالعلم ماكنت مقصرا في
العمل ، ولكن اجمع بينهما وإن قل نصيبك منهما .
وقد كان الصحابيات رضى الله عنهن يحرصن على تعلم العلم .
إني أتكشف فادع الله لي !
لله درها كان همها والذي أقلقها أن تتكشف فيخرج شيئا من جسدها مع أنها معذورة بالمرض ويصيبها الصرع !
هل رأيتم مثل حرص هذه المرأة على ستر جسدها وحفظ نفسها؟!
واليوم وللأسف كم من فتاة تقوم وهى في كامل صحتها وعافيتها بمخالفة أمر ربها ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟!
فتكشف عن شيء من جسدها ،وتبرز مفاتنها ، وتعصي الله جل وعلا بنعمه عليها!
أوليس الذي وهبها هذه النعم قادرا على أن يسلبها منها؟!
عن
عطاء بن أبى رباح قال قال بن عباس رضي الله عنهما – ألا اريك امرأة من أهل
الجنة؟ قلت بلى قال هذه المرآة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم
فقالت أنى اصرع
إني أتكشف فادع الله لي 000
قال: إن شئت صبرت ولك
الجنة وان شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت أصبر فقالت إني أتكشف فادع الله
لي إن لا أتكشف فدعا لها..رواه البخاري ومسلم
فتذكري أخيتي دائما أن هناك جنة ونار ، وجزاء وحساب ، فهذا مما يبعث على العمل والزهد في الدنيا ، وترك الذنوب والمعاصي..
قال
الإمام ابن القيم في مدارج السالكين (2:79): (وإذا خلا القلب من ملاحظة
الجنة والنار ورجاء هذه والهروب من هذه فترت عزائمه وضعفت همته ووهن باعثه،
وكلما كان أشد طلبا للجنة وعملا لها كان الباعث للطاعة أقوى، والهمة أشد،
والسعي أتم).
الماشطة المؤمنة..
لك أن تتصوري هذه (الماشطة) التي تعمل في قصر فرعون وتكتم إيمانها ، وفجأة يعلم بها، فيدعوها إلى القول بربوبيته!
ويأمر زبانيته وجنوده بقتل فلذات كبدها إن لم تستجب له!
فيؤخذ الأول من أطفالها ويلقى في النار وهى تنظر !
فلا
يثنيها ذلك عن دينها ، ويلقى الآخر تلو الآخر في النار وهى كأنما يسل
قلبها من بين جنبيها..ولايزيدها ذلك إلا ثباتا وإصرارا على طاعة ربها..
ثم يأمر فرعون بقتل رضيعها فتتشبث به وتتقاعس خوفا عليه..فينطقه الله مصبرا لها
(يا أماه , اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة)..
عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لما
كانت الليلة التي أسري بي فيها وجدت رائحة طيبه فقلت : ماهذه الرائحة
الطيبة ياجبريل ؟
قال : هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها .فقلت : ماشأنها ؟
قال
: بينا هي تمشط بنت فرعون ، إذ سقط المشط من يدها فقالت بسم الله ، فقالت
بنت فرعون : أبي ؟ فقالت : لا ، ولكن ربي وربك ، ورب ابيك ، الله .
قالت
: وإن لك ربا غير أبي ؟ قالت : نعم ، قالت : فأعلمه بذلك ؟ قالت : نعم ،
فأعلمته فدعا بها ، فقال : يافلانة ألك رب غيري ؟ قالت : نعم ربي وربك الله
.
فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أخذ أولادها يلقون فيها واحدا واحدا .
فقالت : إن لي إليك حاجة ؟قال : وماهي ؟
قالت : أحب أن يجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد فتدفن جميعا .
قال : وذلك لك علينا .
فلم
يزل أولادها يلقون في البقرة حتى انتهى الى ابن لها رضيع فكأنها تقاعست من
أجله ، فقال لها : ياأماه . اقتحمي ، فان عذاب في الدنيا أهون من عذاب في
الآخرة )).
هل رأيت مدى ثبات هذه المرأة على دينها وصبرها؟! وكيف أنها ضحت بنفسها وفلذات كبدها..رجاء ماعند الله عز وجل فكانت النتيجة:
(لما
كانت الليلة التي أسري بي فيها وجدت رائحة طيبه فقلت : ماهذه الرائحة
الطيبة ياجبريل ؟ قال : هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها)..
كم من فتاة فعلت المعصية بمحض إرادتها ولم تكره عليها..
استجابة لنداء الشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء، ورفيقات الشر!
ففعلت المعصية بجوارحها فنظرة إلى الحرام ، ولبست الضيق من الثياب ،ونمصت حجباها، وأضاعت صلاتها، وعقت والديها ، وعصت ربها..
وهناك يوم القيامة يتبرأ منها الشيطان ورفيقات السوء الآتي زين لها الوقوع في المعصية..
(وقال
الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان لى
عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم
ماأنا بمصرخكم وماأنتم بمصرخي)..
ويوم يعض الظالم على يديه يقولوا
ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا. لقد
أظلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للأنسان خذولا).
وإليك الآن بعض التوجيهات والتنبيهات التي اتمنى أن تفتحي لها قلبك وأن تتأملي مافيها وتعملي بها جعلنا الله جميعا هداة مهتدين...
* لا يجوز للمرأة الخلوة بالرجل الأجنبي .
لقول النبي r: (( لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم ))
رواه البخاري (4953)،ومسلم(1341)عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ولقوله عليه الصلاة والسلام (( لا يخلون رجل بإمرأة فإن ثالثهما الشيطان ))
فلا يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء
وقد
يقع التساهل في الخلوة من بعض النساء مع إخوة الزوج وأبناء العم والخال
وغيرهم من الأقارب من غير المحارم وهذا من المنكرات الشائعة .
روى
البخاري (4934 )،ومسلم (2172 )عقبة بن عامر – رضي الله عنه – أن رسول الله
rقال إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال
: (الحمو الموت). والحمو: هو أخو الزوج أو قريبه
وقوله r: ( الحمو الموت ) وذلك لأن التهمة في الغالب بعيدة عنه.
قال
النووي في شرحه على مسلم (14/154)الحمو الموت) معناه أن الخوف منه أكثر من
غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة
من غير أن ينكرعليه بخلاف الأجنبى ).
وقد صرح الإمام القرطبي في تفسير سورة الممتحنة أن الخلوة بغير محرم من الكبائر ومن أفعال الجاهلية.
* المسلمة مأمورة بالحجاب
قال جل شأنه يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) [الأحزاب:59 ]
والحجاب علامة الطهر والعفة
وستر الوجه واجب على المرأة ، وقد كان ذلك معهوداً في زمنه
كما يشير إليه r بقوله : ( لاتنتقب المرأة المحرمة ، ولاتلبس القفازين )
عن أسماء رضى الله عنها قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال . وسنده صحيح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (15/371):
(وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن
وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن).
وقال رحمه الله في حجاب المرأة المسلمة ولباسها في الصلاة (19):
( الوجه واليدان من الزينة التي أُمرت أن لا تظهرها للأجانب )
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله _ في فتح الباري (9/224):
( لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب )
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان (6/586):
( ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها ، قوله تعالى
(يا
أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن )
[الأحزاب :59 ]فقد قال غير واحد من أهل العلم إن معنى ( يدنين عليهن من
جلابيبهن )